سفينة سيدنا نوح |
الطوفان لم يكن شاملا وسيدنا نوح لم يجمع الحيوانات - كيف استطاع سيدنا نوح جمع جميع الحيوانات على الارض؟؟ - لماذا لم يأكل المفترس منها الاليف على سفينة سيدنا نوح؟؟ - هل الطوفان كان شاملا على مستوى الارض كلها؟؟
هذا السؤال لم يكن يغادر مخيلتى "كيف جمع سيدنا نوح جميع الحيوانات على وجه الارض؟؟" , و بالذات عندما بدأت فى مرحلة التفكير فى الألة كان هذا السؤال يمنع الأيمان من داخلى و كانت شبهة قوية قليلاً , و لكى نحاول الأجابة على هذا السؤال , يجب علينا أن نعرض الشبهة و السؤال بالكامل من وجهة نظر الفريق الأخر .
..................................
كثير من الناس يقولون أن سيدنا نوح علية أفضل الصلاة و السلام قد قام بجمع كل أنواع الحيوانات الموجودة حالياً فى الأرض و وضعها فى سفينتة التى بناها بأيدة هو و أبنائة , لكى ينقذها من الأنقراض بسبب الطوفان الذى سيأخذ الأرض و من عليها , و السؤال هنا ؟
كيف استطاع سيدنا نوح أن يجمع كل أنواع الحيوانات الموجودة و الحشرات و الطيور و كل هذة الأنواع فى سفينة واحدة !
الأمر صعب جداً بصراحة أن يصدق , فهناك حشرات لديها الاف و الاف من الأنواع المختلفة لنفس الحشرة , و حتى الحيوانات هناك أنواع ضخمة قد لا تتواجد فى مكان واحد حتى , بل و هناك حيوانات وحشية و أكلة للحوم و هناك حيوانات أليفة فكيف لم تأكلها الحيوانات الوحشية !
و لو أفترضنا أن سيدنا نوح قد أستطاع فعل ذلك , فالأمر يحتاج ليس ألاف السنوات بل ملايين السنوات لكى يقوم شخص واحد فى هذا العصر المتأخر علمياً بهذه العملية الصعبة , كمثال هناك حيوانات تعيش فى المناطق الجليدية فقط كالبطاريق و أنواع أخرى , فيجب هنا على سيدنا نوح أن يسافر ليلتقطها معة فى السفينة , هناك أنواع من الحيوانات تعيش فى الهند و هناك أنواع اخرى تعيش فى غابات الأمازون فقط , فعملية السفر تكون مرهقة بل مستحيلة أصلاً , لأنة لا يوجد وسيلة للسفر فى هذا الوقت , سوى الخيول أو الجمال أو السفن التى تعتمد على الرياح , ولا ننسى أيضاً أن سيدنا نوح كان مشغولاً بمشروعة الضخم و هو بناء سفينة لوحدة فقط , و أيضاً مشغول بدعوى قومة , لذا فمن المستحيل أن نصدق أن سيدنا نوح قد قام بهذا العمل فعلاً , أذا قلنا أن الله قادر على كل شئ , أذا فلماذا كل هذا أصلاً ! , لماذا لم ينقذ الحيوانات و الحشرات بدون الحاجة الى سفينة الأنقاذ التى بناها سيدنا نوح , و من هنا تأتى المشكلة , فيتبادر سريعاً الى الذهن أن سيدنا محمد كاذب و أن القرأن باطل , طبعاً انا لا أقول ذلك و لكن أوضح فقط وجهة النظر الأخرى .
الصحيح ؟
تربى الكثير من المسلمين على هذة القصة و لكن السؤال الأهم هنا , هل هذة القصة أصلاً فى القرأن ؟
بعد قرائة القرأن لن تجد أبداً هذة القصة , و يتضح بعد ذلك أن القصة التى تحكى عن نبى يدعى نوح قد بنى سفينة لينجو هو و قومة و الحيوانات و النباتات من الطوفان العظيم الذى سيدمر العالم هى فى التوراة و بعد ذلك فى الأنجيل فقط , و لكن فى الأسلام و القرأن لن تجد تلك القصة بل ستجد تصحيح لهذة القصة , و لنوضح الفارق بين الأثنين , سنعرض قصة نوح من التوراة …
عرضت القصة فى بداية الأصحاح السادس فى سفر التكوين , لأن القصة ببساطة تتكلم عن بداية البشرية بالنسبة للتوراة
6 فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض، وتأسف في قلبه
7 فقال الرب: أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته، الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء، لأني حزنت أني عملتهم
8 وأما نوح فوجد نعمة في عيني الرب
9 هذه مواليد نوح: كان نوح رجلا بارا كاملا في أجياله. وسار نوح مع الله
10 وولد نوح ثلاثة بنين : ساما، وحاما، ويافث
11 وفسدت الأرض أمام الله، وامتلأت الأرض ظلما
12 ورأى الله الأرض فإذا هي قد فسدت، إذ كان كل بشر قد أفسد طريقه على الأرض
13 فقال الله لنوح: نهاية كل بشر قد أتت أمامي، لأن الأرض امتلأت ظلما منهم. فها أنا مهلكهم مع الأرض
و بهذا يتضح أن الله فى التوراة قد قام بعمل الطوفان العالمى لأنة ببساطة أصابة الحزن لصنعة الأنسان فقام بأغراق البشرية عن بكرة ابيها !
أنا ذكرت ما فى التوراة لسبب واحد و هى أنى أقول ان هذه القصص قد تسربت الى العالم الأسلامى و تأثر بها بعض نقلة الأحاديث و المفسرين حتى فسرو القرأن على طريقة التوراة و الأنجيل و لكن هذا خاطئ و سنعرض لماذا .
اما فى القرأن فهو يحكى قصة مختلفة نهائياً عن ما جاء فى العهد القديم .
فهو يحكى عن قصة نبى من أنبياء الله عز وجل جاء الى قومة و دعاهم الى الحق و لكنهم كفرو بة فظل يدعو فيهم أعواماً و أعواماً و لكنهم أيضاً كفرو بالله و أستهزئو بة و من صدقة منهم , لذلك عاقبهم الله عز وجل بالموت غرقاً فأمر نبينا نوح ببناء الفلك لكى ينجو هو و من معة ..
أذا فالقصة لا تحكى عن طوفاناً عالمياً أغرق الدنيا و ما عليها و لكنة يحكى عن طوفان محلى لا أكثر و لا أقل , أى طوفاناً على منطقة محددة مثل التسونامى الذى نراه فى نشرات الأخبار مثلاً أو شيئاً مشابهاً .
و الدليل على ذلك الكلام , أن سيدنا نوح قد ذكر كثيراً فى أيات القرأن الكريم و لم يذكر مرة واحدة أن سيدنا نوح أرسل للعالمين ! , بل العكس تماماً فالأيات تقول أن سيدنا نوح أرسل الى قومة فقط .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 1 نوح
لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ 59 الأعراف
و الأن رجائاً أنظرو الى ترتيب سورة نوح علية السلام لتعلمو أن العقاب نزل فى قوم نوح و لم ينزل للعالمين
قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَارًا
وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا
وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا
وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالا
مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا
و أيضاً فى سورة العنكبوت سنرى أن السياق القرأنى يشير الى ان الطوفان قد وقع على قوم نوح فقط
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ العنكبوت 14
فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ العنكبوت 15
فى الأية 14 من سورة العنكبوت نستطيع أن نستخرج من السياق بدون أى تفاسير سابقة فى عقولنا أن الطوفان لم يأخذ الا قوم نوح الذين كفرو بة فقط .
سيقول قائل : ولكن الله تعالى يقول ” حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ [هود : 40] ” فهذا دليل على ما يقولون به .
لن نقول كما قال البعض : نحن نجد أن حفص هو الوحيد الذي قرأ ” من كل ” بتنوين اللام , أما باقي القراءات فقالت ” من كل زوجين ” بدون تنوين, ونحن نأخذ في هذه المسألة بالقراءات وليس بقراءة حفص , فهي أكثر وتتفق مع العقل , إذ كيف يمكن أن يحمل من كل أصناف الكائنات اثنين , وكيف يأتون من جميع أنحاء العالم , فمن المعروف أن هناك حيوانات غير موجودة إلا في المناطق الباردة وغيرها لا توجد إلا في المناطق الحارة وهلم جرا , فكيف أتت هذه الكائنات من مناطقها إلى نوح وكيف استوعبتها السفينة ؟ وإنما نقول: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها والأمر على قدر الاستطاعة, فإذا أمره أن يأخذ من كل زوجين إثنين فهو يأمره أن يأخذ من كل ما يجده ومن كل ما هو حوله زوجين إثنين , فالكل هنا المقصود به الكل الموجود والمتوفر وليس الكل المطلق لأن هذا مما لا يطيقه ولا يقدر عليه سواء سيدنا نوح أوغيره .
إذا فالآية لم تقل أكثر من أن الله أمر نوح أن يحمل من كل زوجين , و الله أعلم بهذه الأزواج , اثنين وأهله إلا من سبق عليه القول ويحمل من آمن وما آمن معه إلا قليل , أو ربما تكون بضعة حيوانات أخبرة الله أن يحمل من كل زوجين أثنين حتى يجدو ماشية يربوها و يأكلو من خيراتها بعد ذلك فى الأرض الجديدة لا اكثر و لا أقل .
أيضاً هذا التفسير يبدو متوافقاً أكثر مع الأية الكريمة
وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ سورة الشعراء الأية208
فأن من العدالة الألهية ألا يعاقب الله البشر أجمعين على أخطاء قوم نوح فقط , و الله بصريح الأية يخبرنا أنة لا يهلك قرية ألا بعد أن يرسل لهم نذيراً و يكفرون بة و برسالتة فيعاقبهم حينها الله , و لكن ليس بخطأ مجموعة من الأشخاص ينزل العذاب لجموع الكرة الأرضية كما يريد البعض أن يفهمنا !
0 التعليقات:
إرسال تعليق